الموضوع بدأ من عدة شهور، تحديدًا لمّا انتقلنا لبيتنا الجديد، أنا كبرت في مُجتمع ريفي، بس كان حوالينا جيران كتير، وكان مُحيط بالبيت حقول كتير، مكانش فيه أي غابات، أنا كُنت الطفل الأصغر في العيلة، لمّا خلصت دراستي الثانوية أهلي قرروا ينتقلوا، عشان ميأثروش على دراستي
ورغم إننا كُنا عايشين قرية ريفية صغيرة، أهلي كانوا بيدوروا على خصوصية أكبر، مكان هادي، مفيش حواليه جيران، ومُحاط بغابات من جميع الاتجاهات
عرضوا بيتهم القديم للبيع، وبمُجرد ما إتباع، اشتروا البيت دا، والبيت دا هو السبب في قصتي، البيت كان جميل، ضخم، أدامه مستحة فارغة حوالي 15 فدان، والـ 3 جهات الباقيين، عبارة عن غابات ضخمة، الحاجة الأظرف كانت إن مفيش أي جيران حوالينا نهائيًا
في البداية كُنت مُستمتع بالأمر، خصوصًا بالمشي وسط الغابات، كان بيساعدني أتخلص من التوتر والقلق اللي بحٍس بيهم، لمّا بكون مُحاط بالأشجار الطويلة دا بيريحني نفسيًا، عشان كدا كُنت متعوِّد أتمشي باستمرار في الغابات
بمرور الأسابيع، بدأت ألاحظ حاجات غريبة أثناء التمشيات بتاعتي، كُنت بلاقي بقايا جُثث لغزلان مرمية وسط الغابات، ودايمًا بتكون مصحوبة بوجود ريحة عفن مش حلوة، كُنت فاكر إن ريحة العفن دي جاية من الجُثث، وكُنت بطمن نفسي وأقول دا أكيد مُجرد ذئب عايش في الغابة، وعشان أتطمّن أكتر بدأت آخد مُسدس بابا معايا وأنا بتمشى، عشان لو حَصَل وهاجمني الذئب أكون مُستعِد ليه
ومع مرور الأيام، بدأت ألاحظ جُثث أكتر، بدأت الجُثث تنتشر في كُل مكان في الغابة، ولسّه مصحوبة برائحة عفن قوية جدًا، واللي برضه كُنت فاكرها رائحة تعفُن الجُثث
ولأن الجُثث والرائحة مش كفاية، بدأت ألاحظ تغيرات في أصوات الغابة، أصوات الحيوانات المليانة مرح، تحولِت لأصوات مُخيفة كئيبة، وصوت زئير غريب كان بيزيد وينتشر يوم عن يوم، وكأنه بيحتل الغابة كُلها
خدت قرار إني مش هتمشي تاني في الغابة، سواء بمُسدس أو بغير مُسدس، معنديش إستعداد أقابل الشيء اللي بيموّت الحيوانات بالشكل دا، لكن فضولي كان أقوى مني، قررت أركّب كاميرا في الغابة، وفي اليوم التالي كان معايا كاميرا، بالليل هركبها، على أمل تنجح في تسجيل اللي بيحصل
بالليل، استجمعت اللي باقي من شجاعتي وقررت أدخُل الغابة، كان معايا الكاميرا، هركب الكاميرا ومش هدخُل الغابة دي تاني مهما حصل
لكن فجأة ووسط الظلام، حسيت إني تايه في الغابة
وكان لازم أهرب من هنا فورًا
.
لكن قبل ما أخرج كان لازم أركِّب الكاميرا، قررت أقف مكاني وأركبها هنا، أعتقد المكان دا كويس ومعقول، كُنت خايف وبتحرّك بسُرعة، كُنت عاوز أخلّص بأسرع وقت مُمكِن، عاوز أخرج من هنا
كُنت متوتر جدًا، كُل حركة في الغابة، كُل غضن بيتحرّك أو ورقة شجر بتطير كانت بتزيد خوفي وتوتري، وبسبب توتري وخوفي إيدي كانت بتترعش، ودا خلى الكاميرا تُقع من إيدي
وطيت عشان أجيبها، وفجأة ... بدأت أشِم ريحة العفن بتزيد، وقفت وبدأت أبُص حواليا بخوف، كُنت بدوّر بجنون لو في أي حد حواليا، كُنت حاسِس إن حد موجود، وبيراقبني، ورغم كدا مكُنتش شايف أي حاجة
فجأة سمعت صوت خافت من ورايا، صوت زئير شرس بس واطي، بصيت ورايا بسُرعة، وشُفته، كائن شبه البشر، كان واقف ورايا وبيبُصلي، واقف على رجلتين بس، له إيدين ورجلين شبه البشر، لكن الحاجة المُخيفة اللي فيه كانت بشرته، بشرته كانت مُحترقة وسوداء تمامًا كأنه إتحرق بالكامل، شفايفه مش موجودة نهائيًا، أقرع ومالوش أي شعر
أسنانه كانت حادة جدًا، شبه الإبر، لثته الحمرا باينة لأن مفيش أي شفايف، واللعاب بينزل على دقنه وبينقّط على الأرض
وللحظة طويلة مكانش فيه غيرنا في الكون، كُل حاجة حوالينا توقفت تمامًا، حاولت أفكّر بسُرعة في الحاجات اللي مُمكِن أعملها، وفي الحقيقة ... هُمّا كانوا اختيارين بس: الأول إني أقف مكاني وأستناه يهاجمني وفي الغالب هيقتلني، أو الاختيار الثاني كان إني أهرب من هنا وبأسرع طريقة مُمكنة
وأنا قررت أختار الاختيار الثاني
.
جريت بأقصى سُرعة مُمكِن تتخيلوها، رميت الكاميرا وجريت بخوف، كُنت سامع صوته ورايا، كُنت بجري ومش عارف أنا رايح فين، جريت لمُدة عشرين دقيقة تقريبًا، لمّا بصيت حواليّا ملقيتش له أثر، وقفت عشان آخد نفسي، وأدوّر على طريقة أرجَع بيها البيت
في النهاية عرفت مكاني، وقبل ما أتحرّك سمعت صوت من ورايا، صوت زي صوت الحُصان، بصيت ورايا وشُفته، كان بيجري على إيديه ورجليه زي الحيوانات، اللعاب بيتطاير من فمه، كان زي الكلب المسعور
جريت بسُرعة، ومن غير ما أبُص ورايا، صوته المُرعب وريحة العفن كانوا بيقولولي إنه ورايا
كُنت بعيّط من الخوف، كُنت حاسِس إني مش هخرُج من الغابة دي حي، لكن في النهاية شُفت نور بيتي، وبسُرعة جدًا جريت ناحية الباب، دخلت وقفلته ورايا بسُرعة، كُنت خايف أبُص حتى من الشباك
الكلام دا حَصَل من شهر، من يومها مدخلتش الغابة، ومحكيتش لحَد، دوّرت كتير على أي تفسير منطقي للي حَصَل، التفسير المنطقي الوحيد كان إني قابلت skin walker، عايز أرجع الغابة وأشوف الكاميرا لو كانت سجلت حاجة وهي واقعة
بس أنا محتاج حد ييجي معايا، حد منكُم مُستعد يساعدني
هتفق معاه إنه شاف سكين ووكر فعلًا (تقدر تدوّر عليه على جوجل وتعرف عنه أكتر)
وهو كان محظوظ كفاية إنه ينجو بحياته من المسخ دا وميحصلوش حاجة
لانه من الأول كان غلط لمّا لاحظ بقايا الجُثث و تجاهل الرائحة الكريهة وفضل يتمشي وسط الغابات
الإهمال ساعات بيكلف الناس حاجات كتير اوي مهمة
لكن الحظ ... دايمًا هو اللي بيدوّر اللعبة
تعليقات
إرسال تعليق