الدنيا كانت بتمطَر، وأنا مش معايا شمسية، مش لابسة حتى جاكيت، لسّه حوالي كيلو ونصف على ما أوصَل البيت، هدومي كُلها غرقانة مية، كُنت خارجة أجيب أكل من السوبر ماركت بس بعد ما وصلت هناك، اكتشفت إني نسيت الفلوس في البيت، لو موصلتش البيت قريب هيجيلي التهاب رئوي
فاضل حوالي نصف ساعة مشي، فجأة حصل حاجتين، الأولى إن المطر زاد وبقي أقوى، والتانية إن شاحنة سوداء وقفت جنبي
" مرحبًا عزيزتي "
بصيت جنبي، كان السيد تشارلز بيبصلي من شاحنته، السيد تشارلز راجل مُخيف عايش في الحي بتاعنا، كُل الأطفال اللي في الحي عارفينه وبيبعدوا عنه، طويل، عريض، وزنه زايد، شعره أسود بيلمع وأسنانه صفرا، ريحته وحشة كأنه مش بيستحمي أبدًا، دايمًا ريحته عرق، السيد تشارلز سبق إتقبض عليه بتهم التلصص على البيوت، وتتبع ومطاردة البنات الصغيرين، قررت أتجاهله وأكمّل مشي
" محتاجة توصيلة يا جيسيكا؟ "
مكُنتش أعرف إنه يعرف اسمي، ودا خلاني وقفت مكاني بخوف وأنا ببصله
" تعالي، شكلِك بردانة، ممكن أدفيكي وأبسطك هنا "
كان بيبتسم ابتسامة مُريبة، سنانه شكلها قذر، منعت نفسي من التقيؤ بصعوبة
على أول الشارع كان فيه بنتين صغيرين لابسين جواكت مطر وماشيين، سنهم ميزيدش عن 10 سنوات، هو كمان شافهم وعينيه لمعت
في اللحظة دي عرفت وفهمت
إما أنا ...
أو هُمّا ...
.
فتحت باب الشاحنة وركبت فورًا، ما أخدتش وقت في التفكير، لو هقولكم إن الريحة في العربية كانت وحشة فكدا هكون بجامله، الريحة دي كانت أسوأ حاجة شميتها طول حياتي، كأنه دافن آلاف الجُثث المُتحللة جوا الشاحنة، انشغالي بالريحة خلاني ما آخدش بالي إنه باصصلي ومٌبتسم
بلع ريقه بصعوبة وهو بيلحس شفايفه، بعدت عنه شوية وبصيت أدام، تجاهلت نظراته ليّا، قُلتله: " أنا لازم أروح البيت، أختي مستنياني "
هز راسه وهو بيقول: " أختك إيميليا؟ "
مكُنتش أعرف إنه يعرف اسمها هي كمان، وبسُرعة أوي ندمت على قراري، بدأ يسوق الشاحنة، لمّا وصل عند البنات بطأ عربيته، بصلهم وهو بيلحس شفايفه تاني، وبعدين بصلي وابتسم، وكمّل سواقة، بعد لحظات وصلنا البيت
السيد تشارلز وقف الشاحنة، وقال: " أنا إتبسطت أوي إني وصلتك، لو إحتجتي حاجة بعد كدا، إطلبي مني "
هزيت راسي بخوف، كمّل كلامه: " لازم تغيري هدومِك، هدومك مبلولة جدًا ولازقة على جسمك، أنا قادر أشوف تفاصيلك كلها "
حسيت بالخوف أكتر، فتحت باب العربية وأنا بقول: " حـ ... حاضر "
سألني أول ما نزلت: " عندك كام سنة؟ "
" 16 "
قال بابتسامة شريرة: " هو دا السن المُناسب "
نزل من العربية وبدأ يمشي ناحيتي، سألته بخوف: " بتعمل إيه؟ "
" هوصلك البيت يا جيسيكا، إنتي قلتي إن أختك مستنياكي، بس مقولتيش إن بابا موجود، أنا مُتأكد إنه هيكون مبسوط لمّا يعرف إني كُنت موجود عشان أتطمن على بناته، غير كدا إنتي محتاجة تاخدي شاور، يرضيكي أسيب أختك لوحدها؟ "
.
تمنيت لو إيميليا قادرة تشوفنا من جوا البيت عشان تاخد حذرها، مشيت ناحية الباب الأمامي، والسيد تشارلز ماشي جنبي، حطيت إيدي في جيبي، طلعت مفاتيحي وفتحت الباب، دخلت البيت المُظلم، والسيد تشارلز دخل ورايا بدون تردد
كُنت بدوّر علي مفتاح النور، فجأة سمعت صوت إزاز بيتكسّر، فتحت النور وبصيت ورايا، السيد تشارلز كان واقع على الأرض وجنبه بقايا فازة مكسورة وإيميليا واقفة فوقه بتبصله بضيق
بابا جه يجري من المطبخ وهو بيقول: " إيه اللي إتكسّر؟ "
بدأت أقول وأنا بعيّط: " كُنت رايحة أشتري حاجات للعشا ونسيت الفلوس هنا وبعدين بدأت تمطّر وهو ظهر وقالي هيوصلني وكان فيه بنات صغيرة في الشارع لوحدهم وهو كان هياخدهم فاضطريت أحميهم منه وأركب معاه و ... "
بابا حضني عشان أهدي شوية
قالي بهدوء: " متخافيش، كُل حاجة تمام "
إيميليا قالت بغضب: " ابقي حذريني قبلها، أنا شُفتكم بالصدفة "
بابا أخد الفاس وخرج من باب البيت الخلفي وهو بيقول: " دقايق وهاجي آخده عشان أدفنه مع الباقيين "
بصيت على جُثة السيد تشارلز، أنا عارفة إن ناس منكم هتشوف إن مش من حقي أحكم على الناس، بس النوع دا من البشر لازم يموت
السيد تشارلز واضح إنه متحرش بالأطفال، ومعروف، البنت وأهلها واضح إنهم بيستهدفوا النوع دا من البشر عشان يقتلوهم وينضفوا العالم من شرورهم
الفكرة دي بالنسبة لي مُرعبة، لأن لو كدا، فأي حد مبيحبنيش أو مبيحبكش هيقتلك بدم بارد، مش هيفكر مرتين
قولولي وجهة نظركم في الكومنتات
هل شايفين إن القتلة والمغتصبين لازم يموتوا بالشكل دا؟
وليه؟
تعليقات
إرسال تعليق